الموروث الثقافي بحوض كير: موضوع ندوة علمية ضمن أشغال الدورة الخامسة من مهرجان بوعنان للثقافات الأصيلة.
شهدت قاعة العروض والاجتماعات اليوم الأحد، (09 ابريل
2017)، بمركز جماعة بوعنان، تنظيم ندوة علمية حول الموروث الثقافي بحوض كير/
التعدد والتنوع، ضمن أشغال الدورة الخامسة من مهرجان بوعنان للثقافات الأصيلة،
الذي ينظم من طرف اتحاد المبادرات التنموية ببوعنان، على مدى ثلاثة أيام، بفضاءات
مركز الجماعة.
الندوة،
التي دامت أزيد من ساعتين، أطرها كل من الأساتذة الباحثين، سعيد كريمي، رئيس فرع
اتحاد كتاب المغرب بالرشيدية، وميمون الراكب أستاذ باحث من وجدة، وعرفت إلقاء
قراءات شعرية عربية وأمازيغية من طرف مجموعة من الشعراء والزجالين المحليين
والجهويين، بالإضافة إلى تكريم عدد منهم.
ورحب
السيد عبد الله حديوي، عضو اتحاد المبادرات التنموية ببوعنان، بالحاضرين خلال
الندوة، قبل أن يعرج على بسط الأرضية التأطيرية للندوة، مشيرا إلى أن منطقة حوض
كير، تعرف تهميشا كبيرا على مستويات متعددة، وهذا ما دفع الجهة المنظمة إلى إقامة
المهرجان موضوع الحدث، وضمان استمراريته .
ودعا
سعيد كريمي، في مداخلته حول "أهمية أرشفة الموروث اللامادي (الثقافي)، إلى الاهتمام
بكل ما هو شعبي، مشيرا في حديثه، إلى أن هذا المكون الثقافي كان معزولا، أو لم
يحظى بالاهتمام من طرف الأكاديميين والباحثين في الثقافة العالمة.
وذكر
كريمي أن: «كل ثقافة لها خصوصيتها ونسقها، والنسق الثقافي لكل قبيلة معينة هو
تعبير عن نمط تفكير، عن رؤية للوجود وللإنسان وللكون، لا يمكن أن نفاضل بين رؤيتين
مختلفتين"، مضيفا، " عندما نتحدث عن الثقافة الشعبية، فإننا نتحدث عن
عمق الانسان المغربي، هوية الانسان المغربي وهي هويته المتعددة، والتي تكتسب بعضا
من الروافد الجديدة من خلال تلاقح اللغات، فنخلص إذن إلى أننا مزيج من العروبة
والامازيغية والافريقية واليهودية...الخ" .يقول المتحدث.
وحول
الموروث الثقافي بمنطقة الجنوب الشرقي، قال سعيد كريمي أن "المنطقة احتضنت
مجموعة من الحضارات، ومجموعة من الأعراق حتى أنها كانت منطقة عبور واستقرار معا،
مما أوقع تمازج وتصاهر بين مختلف الثقافات والعقائد، وصنع الفسيفساء المختلفة
والمتباينة التي تسود حاليا بالمنطقة".
"هذا
العمق الذي تشكلها الثقافة الشعبية، نُظر اليها نظرة احتقار وازدراء، من طرف
الثقافة العالمة، فالبلاغة الشعرية في شعر لملحون، يمكن ان نخرج بنتيجة مؤداها أن
المغاربة عباقرة في صناعة الشعر، بلغة وسطى تمزجه بين الفصاحة واللغة
اللاحنة"، يقول كريمي، مردفا، " لقد بات من الضروري أن تقوم مؤسسات
وجمعيات بالاشتغال على الموروث الثقافي بمختلف تمظهراته وتلاوينه،.".يضيف
المتحدث ذاته.
ودعا
الأستاذ الجامعي، طلبة الجامعات والباحثين في موضوعة التراث الشعبي وخصوصا الشفهي،
إلى الاشتغال على تجميع ذاكرة الأجداد، لما لها من إضافة نوعية قد تُجود خلاصات
البحث في التراث المادي واللامادي، موضحا، أن "مشروع أرشفة التراث الشفهي
الذي أنجزه مجموعة من الباحثين والخبراء في المجال على مدى أزيد من سنتين من
البحث، مكن من تحفيز مجموعة من الباحثين والهيئات المهتمة بهذا المجال إلى إنتاج
مجلدات مماثلة، ولازال مشروعنا ممتدا حيث جمعنا أزيد من 1500صفحة تضم نصوصا وقصائد
زجلية7. يضيف كريمي.
"نضع
خبرتنا رهن إشارة الجهة المنظمة والساكنة لأجل تجميع الثقافة الشفاهية بمنطقة حوض
كير، الذي هو مشروع استراتيجي مهم جدا، لأنه يرد الاعتبار إلى الهامش أولا، وإلى
الثقافة الشعبية الجماعية ثانيا، لأهل بوعنان أن يفخروا بموروثهم الثقافي، ويجب
عليهم ان يشتغلوا على توثيقها وعلى رسملتها، لأنه الرمز الحقيقي للمنطقة."
يختتم رئيس فرع اتحاد كتاب المغرب بالرشيدية حديثه.
ومن
جهته، قال الأستاذ الباحث، ميمون الراكب، أن البحث في التراث هو بالضرورة بحثا في
مكونات الهوية وسلوكنا وقيمنا، التي تكون مرصوصة في ذاكرتنا الجماعية بالدرجة
الأولى، موضحا أن التراث الشعبي للجماعات، هو تفسير ضمني لطرق تفكيرها وتتبع لتطور
منظومتها الذهنية وسلوكها، عبر مجموعة من الأشكال التعبيرية الشعبية التي توثق
الصلات الاجتماعية بين الناس وتدفهم ال التواجد داخل المجال".
وقال
الراكب في معرض مداخلته، أن ممارسة الشعر الشعبي البدوي بالمنطقة، ليس هو بالدرجة
الأولى اشباع لحاجيات الفرد المادية، بل، يضيف الراكب، هو من اجل تثبيت قيم تصبح
هي الموجهة لفعل تنموي، ولهذا وجب تثبيت الخصوصية وتحفيزها عبر العمل
الجماعي".
ودعا
الأستاذ الباحث، إلى إعادة التأمل في الخارطة الشعبية الشعرية المعروفة في المنطقة،
وإلى إعادة النظر في تجنيس هذه الاشكال التعبيرية في الثقافة الشعبية حتى تخدم
التنمية المحلية.